الاثنين، 2 فبراير 2009

يوم الطالب العالمي.. الواقع والمأمول

كتب - محمود الشيمي

قليلة هي الأيام التي تترك بصمة وعلامة بارزة في حياة الشعوب ولا تمر دون أن يتذكرها الناس ويستشعروا معها العزة والامتنان للأجيال التي صنعت الأمجاد فيها ولعل أهمها: يوم الطالب العالمي الذي اختير له الحادي والعشرين من فبراير من كل عام تخليدا لذكري نضال الطلاب وشهدائهم.

ومن المفارقة أن كثيرا من الطلاب لا يعرفون عنه شيئا مما يعني أنهم وقعوا في شرك حالات التغييب وفقدان السعي نحو "فقه التاريخ" من أجل استخلاص دروسه بما يخدم حاضر ومستقبل الأمة العربية والإسلامية.
أما المهتمين بالعمل الطلابي والناشطين فيه فقد اختلفت رؤاهم حول ذلك اليوم ودارت بين الأمل في العمل علي تفعيله ونشره وبين الحزن والأسى لتجاهله وعدم الاكتراث به والغضب من الاستبداد الذي أوصلنا إلي ما نحن فيه الآن.

تضامن عالمي

يعود تاريخ ذلك اليوم إلي ذكري الأحداث التي مرت بها مصر عام 1946 م حينما أصدرت (اللجنة الوطنية للطلبة والعمال) -والتي كانت تضم الطلبة المنتمين إلى الحزب الوطني، والوفد، والأحرار الدستوريين، والهيئة السعدية، والكتلة الوفدية، والإخوان المسلمين، ومصر الفتاة وبعض المستقلين- بيانا أعلنت فيه قرارها بأن يكون يوم الخميس 21 فبراير (يوم الجلاء ) ودعت إلي إضراب شامل تقبله المجتمع المصري بكافة أشكاله بقبول حسن فتعطلت الأعمال العامة والمواصلات وأغلقت المحلات التجارية والمصانع ودور العلم في جميع أنحاء البلاد.

وشارك طلاب الأزهر في هذه الحملة فخرجت منه مظاهرة كبرى اتجهت إلى ميدان الأوبرا حيث عقد مؤتمر شعبي اتخذت فيه قرارات بمقاطعة المفاوضات وأساليب المساومة والتمسك بالجلاء عن وادي النيل وإلغاء معاهدة 1936.

ثم زحفت المظاهرة إلى ميدان قصر النيل حيث الثكنات البريطانية واتجه قسم منها إلى ساحة عابدين وكانت المظاهرات تسير في نظام تام دون اعتداء على أحد ودون التعرض للممتلكات أو جنوح نحو التخريب.. فإذا ببعض السيارات العسكرية البريطانية المسلحة تخترق الميدان وسط الجماهير فجأة لتدهم بعضهم تحت عجلاتها. وحدث صدام بالإسكندرية بين الجنود والمتظاهرين سقط فيه 28 من المتظاهرين قتلى وجُرح 432 متظاهرا وقتل جنديان بريطانيان وجرح أربعة جنود آخرين.

وفي هذا اليوم أيضا تمت واقعة فتح كبري عباس الشهيرة حيث قامت قوات الاحتلال الإنجليزي بفتح كوبري عباس والذي يمر علي نهر النيل وذلك أثناء سير جموع الطلاب من فوقه مما أدي إلي وقع عدد كبير من الطلاب في النيل وغرق الكثير منهم.

وعلي أثر ذلك أعلنت اللجنة الوطنية للعمال والطلبة يوم 4 مارس 1946 يوما ًللحداد الوطني العام على شهداء 21 فبراير، حيث أعلن الإضراب العام، واحتجبت الصحف، وأغلقت المتاجر والمقاهي والمحال العامة، وأضربت المدارس، وتعطلت المصانع، وزحفت جماهير الإسكندرية كزحف يوم 21 فبراير في القاهرة، واستشهد فيها 28، وجرح 342 متظاهرا ً.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق